أرْسَلْتُ عَقْلـي لِلمَـزَادِ  أَبِيعُـهُ

وَتَركْتُ عَيْنـي جَانِبـاً  تَتَرقّـبُ

فَأتَى الزَبائِنُ كَي يُسَوِّمُوا ما بِـهِ

عَجِبُوا لِعَقْلٍ في المَـزَادِ  يُقَلَّـبُ

فَأَجَبْتُهم إنَّ "التَمَـوُّضَ"  شَائِـعٌ

وَكَذا العُقُولَ تُبَـاعُ لا تَسْتَغْرِبُـوا

أرْخَصْتُ عَقْلي كَالأثَـاثِ  أَبيعـهُ

حَتى "أُمَوِّضَ" كُنْهَهُ أو  أشْطُـبُ

أبْدُو غَريْباً فـي حَيـاةٍ  مَلؤُهَـا

لَعِبٌ وفُسْـقٌ وَانحِـلالٌ  يعْـذُبُ

نَحْوَ المَلاعِبِ لا أرَانـي  ألْهَـثُ

أو لِلْكُرَاتِ مُشَجِعَـاً مـن يلْعَـبُ

أو لِلتَحَزُّبِ ما بها مـن  َشَدَّنـي

أو لِلْنَوادي لا أرَى مـا  يَجْـذِبُ

لا مَيل عِنْدي كَي أُمَاري قائدا

وَأرَى النِفَاقَ سَبيلَ مَنْ  يَتَقـرَّبُ

مُتَخلِفـاً أبْـدو بِعَصْـرٍ فَـاتِـنٍ

لم تُعنني أَشْيـاؤُهُ , لا  أرْغَـبُ

لَعِبُ القِمَارِ مَدى الحَيـاةِ مُحَـرِّمُ

وَالسُكْرُ أَنْبُـذُ, والزِّنـا  أتَجَنَّـبُ

وَأرى الجَهَالَـةَ سَيِّـداً  تَتَحَكـمُ

بِمَصَائر ِ الإنسـان, لا  يُتحَبْـبُ

مَنْ يَشْتَري عَقْلاً يُمَحِّصُ مَا بنـا

وَيُحلِّلُ الأحْـدَاثَ , ثُـمَّ  يُعَـرِّبُ

مَا وَافَقَ القُـرْآنَ يَؤخَـذُ مابِـهِ

ما خَالَفَ الديّنَ الحَنيفَ  يُشَطِّـبُ

عَقْلٌ يُجافي مـا بِنـا  مُسْتَـورَدٌ

لا يُشْتَرى, لا يُبْتَغى, لا  يُرْغَـبُ

ما كُنْتُ أَحْسَبُ أنَّ لَيْثاً  مُخْلِصـاً

يَأبَى العَرينَ يَـوَدُّ لَـوْ يَتَأرْنَـبُ

يَلْهـو وَيَلْعَـبُ هَائِمـاً وَمُقَلِّـداً

ما في البِلادِ مِنَ القُشُورِ؛ وَيَطْرَبُ

كَي يَعْشَقَ الكَأسَ الدِهاقة  دَائِمـاً

مُسْتَمْتِعَاً فـي حرمـةٍ يَسْتَعْـذِبُ

قَدْ بِعْتُ عَقْلي كَي أَهيـمَ بِدُوِنِـهِ

وَأُريحَ نَفْسي " فالأنـا " تَتَعـذَّبُ

*******

قبل ثلاثين عاما تقريبا , وخلال استعراض للمجريات ,  لمست فارقا كبيرا بين ماهو دارج وبين مايفترض أن يكون.وعلى إثر ذلك كانت هذه القصيدة التي  رغم مرور الزمن وكأنها تعايش  وتصف عالم اليوم وربما الغد أيضا.والقصيدة منشورة في ديوان "مفاتيح القلوب ومصابيح الدروب"ص : 61