في ذكرى النكبة عذراً يافا
اليوم تحل الذكرى الخامسة والسبعين للنكبة الفلسطينية , وتشريد وترحيل الملايين في دول الشتات , واﻵﻻف تقتيلا في كثير من المناسبات. تمر وعالمنا العربي والإسلامي , ربما في سبات , أو أنّ كثيرا من الدول تعاني الويلات وتوالي النكبات.
ذكرى تُلبسنا رداء الذل الموشّح بالعار , في وقت شهدنا ونشهد فيه تخاصم وتناحر بين أهل الدار، مع عدم وضوح في المسار، وهي مناسبة ستمر علينا , في جوِّ يشهد بعضا من تغيير , وتوجها أفضل نحو تقرير المصير. وستكشف الأيام العدو اللدود من النصير. أعاد الله المقدسات , وأزال عن هذه الأمة العثرات , وقيّض لها من يقودها إلى عالمٍ من0 النجاحات.
يافا عشقتُ وما الفؤادُ سَلاكِ وأحَّبتي كم يذكرونَ صِباكِ
ما غبتِ عنِّـي مـذ صباي لُحيْظةٍ فـعـصابـةُ المحـتلِّ دون لـقاك
رغم التـباعـد فالفـؤادُ يشدُّنـي صوبَ الشواطئ , مُولَها بـِدَفاكِ
قد عجّ في قلبي حنـينٌ للذُرا والنفسُ أنّـت ويْلهم أعـداك!
فنظرتُ حولي كي ألوذَ بهمَّةٍ فبكى الهُمام , وزادَ في الإربـاك
لله درُّك قد سكـنتِ مكامني! وملأتِ لُبِّي , كم أعُزّ ذراك؟
يا أُختَ حيفا ،إنّ خصبك نادرٌ ومميـزٌ والـبحر كم أغـنّاك
أنت التي أبهرتِ أجداداً ذوي بـأس, عُـتاةٍ تُـيـِّموا بهواكِ
عاشوا بعـزٍّ رافعين رؤوسَهم فوق المجرَّة ،همُّـهم إرضاك
مضت السنون وبُـدّلت أجيالهم واليوم كثر, قد نسوا مرفاك
فهل الشواطئ تُنتسى بتـشرّد ؟ أم حسبُ مـَنْ يوم النزوح بكاك؟
قالوا بأنّ البعد عنك مؤقّتٌ والبعد مهما طال لن ننساك
ولكَم طُعنَّا في الصميم وأُحُبطت فينا الإرادةُ, أين من يهواك؟
وتيقّني من أنّ رسمك في دمي متسعِّـر حـبَّا ليوم لـقاك
قد كنتِ أوًل لقمـةٍ مبتـاعـةٍ للطـامعين القاصدين ثراك
"بلفورُ" أعطاك اليهود لعلّه يَضَعُ اليهودَ بأروع الأفلاك
أهداك للأعداءِ تكريمـاً لهم والعُرْب لم يأتوا بأيّ حِراك
فبكاك من طُردوا ومن مثلي وفى مع أنَّ جيلَ اليوم قد جافاك
الأهلُ عنك تـشرَّدوا وا حسرتـا! وتغلغلتْ صيونُ في أرجاك
وآتى من الموساد جيشٌ سابحٌ حكموا البلاد وأفسدوا دنيا كِ
مَلكوا الزِّمـامَ وذلَّلوا متمسِّكاً بعقيدةٍ كي يُرتضى بسواك
كي يرَتضي التشريدِ عنك بحسرةٍ ويهيمُ في الدُّنـيـا بلا إربا ك
وبدا يعيش بعالم متزلِّفاً هذا وذاك بـحالةِ المُتباكي
وأشاد في دنيا العروبة منزلا وبنى اليهودُ بـديلَهُ بذراك
والبعضُ أسهم في بناية فندق يأتيه من عشقوا ومن غنَّاك
تُحيا الليالي بالقيان وبالغنا سيراً على هدي الذي عاداك
وأخٌ توجه للخليج مناضلاً وأبٌ تنـاسى ما جرى بحما ك
ورأى بأرض الغرب موئل رزقـهِ وبنوهُ لم يدْروا لمن أولاك
بكت الرِّمالُ من المُصاب وأنشدت أرضُ السـلام تؤول لل"سـافاك"
يافا الجميلةُ كم فراقك مؤلمٌ ومـبـرِّح للعاشقـين ربا كِ
يا أخت حيفا إّنـني مستضعفٌ لكنّني ذو الفهم والإدراك
في أرضك الشهداء ساروا جحفلا ودم الجدود على المدى روِّاك
أوَ تحسبين بأن عشـقك قد خـبا ؟ أتـصـدقين بأنني أنسـاك؟
أرض الجدود أترتضي بتحرّقـي؟ أيلذّ لي أن يستباح حِماك؟
لله درّك فـالحنـين يلفّـني أنّى اتَّجهتُ , وما لغيرك شاكي
فلتشهدي أني بكلـّي عاشِقٌ رملَ البحار ومؤئـل الأسماك
تدرين يافا أن في" أُسلو" (4) خنا كم خـيَّب الآمال واستثـناك؟
وتنازلَ المغوارُ عنك صراحة عن طـيب نفـس للـعِـدا أبقا ك
والقدسُ ضاعت بعد حيفا كونهم مسـتوزريـن ولو على شبّاك
وتوالت الأحداث تقتل حُلْمَنا دحرَ اليهود وطردَ من أعياك
لكنْ شباب اليـوم عنك تحوّلوا وتمايلو طربا على نجواك
غَدت الملاعبُ قبلةً نهفو لها فيها نُعد الجـيلَ جيل لقاك
هذا يـشجّع ناديا بإيابه ويفاخرُ الدنيا لهزّ شِباك
يافا، بنو قومي تراخوا وانـبروا للعود والقيثار وال"كونياك"
نأتي المحافل والنوادي علّنا نجِدُ السبيلَ بها لنيل رضاكِ
إنْ لم نجد نأت الفنادق بعدها نحيـي الليالي ساهرين نُحاكي
من يحتسون ويرقصون بخفّـة ونقول يافا تشتكي وتُشاكي
أبـناءَ يعرُبَ والذين توهّموا أنّ السلام يلوح في الأفلاك
نُمضي الليالي بعد" أُوسلو" نحتسّي ما لذّ من خمـرٍ لكي ننساكِ
وبرامج التلفاز تأسِـرُ جيلنا وتـشدّهم للثأر في الأكشا ك
فتبلّدتْ فينا المشاعر والرؤى وتـلاشت الآمال في لُقياكِ
جيل الملاهي والملاعب قـادم مـنـه الصليلُ بركلةٍ من "باك"
ما عاد للصاروخ والطيران معنى في الحياة ولمْ نعد نهواكِ
أنا يعربيّ مسلم وعقيدتي أنّ الجهاد محرّرٌ لِثـراكِ
لا للسلام وألفُ لا للسائرين بدربه إن كان قد أبقاك
في قبضةِ الأشرارِ والشُذّاذ والمتواطئين على التراب الزاكي
لا للسـلام ,إذا انتُسيتِ بنصّهِ من يرتضيه كآكل الأشواك
يافا أحقا للعروبة تنتمي ؟ أم أنّ "جافا “قد غدت مَسْماك؟
من قال إنّك للعروبة تنتمي فليأتني بحصى لرجم عِداك
يا أمة الإسلام يافا ترتجي ممـّن يوحِّد هبّـة لعراك
تأتي على نسل اليهود وحكمهم لتَسود في أرض السلام قُواك
لا تأمنوا غدر اليهود فمكرُهم متوارثٌ, يُعْـزى إليه بــلاك
عودوا إلى القرآن فيه سماتهم وأهمـّها, لا عهد "للباراك"
شارون دنّس باحة الأقصى وداس بنعله أنف الذي يهواك
وأذلَّ كلَّ المسلمين وقبلهم أبناءَ يعربَ ,ثـمَّ من ناداك
والذلُّ أمـسى كالرداءِ يلف مَنْ فـي عيشه مُتلهّف للقاك
والعرْبُ أمسوا حائرين مندّديـن بفعلة المتغطرس الأفاك
تركوا صغار الأهل أطفال الحجارة يدفـعون أذى الذي اعياك
يستعذبون الموتَ والتنكّيلَ والعيشَ المريرِ لرد كيد عِداكِ
صبرا نسينا مع" شتيلا"ثم" قانـا" والخليلَ وما جرى برُباكِ
كم نكّلوا وتغطرسوا بلجاجة وبنا استُخفّوا , لم نَقُم بِحراكِ
يا أمة الإسلام يكفي ما بنا من ظالمٍ مستكبرٍ أفّاكِ
رصّوا الصفوف ولملموا أشلاءكم لتحرّروا ما ضاع من أملاك
يا فا تئن وقدسنا محزونةٌ ومآذن الأقصى تنوح كفاكِ
الليلُ طال ونومكم هل ينتهي؟ يا أمة الإسـلام زادَ شَقاكِ
أبكي على زمن فُجعت لما بـه مـن ذلّـة وتقاعسٍ وتباكي
بغدادُ جئتُ إليك أشكو حيلتي رُغم الحِصار وحظر بعض سَمـاك
آخي دمـشق وهلّلي للقائها زيلي الحدودَ ولبِّ من آخاك
نادي لزحلة والبقاع ففيهما طول المدى متنفّس لِقُواك
عمّان كلٌّ مَشيبها وشبابها تزهو بكم وتقول أين يداك ؟
مُدّي يديكِ بما اقتدرت فإننا في كلّ صوب نزدهي بلقـاك
أصغي ليافا واسمعي أنّاتها والقدس ناحت سورُها ناداك
شدُّوا الرِّحال فأُختُ يافا ترتـجي تحريرَها من عُصْبة الإشـــراك
بلد الشهامة والشهادة والتُقى بلد الأعزة فالرشيد رعاك
حاكى السحاب بقوّة معهودة وبعزّةٍ وبجيـشِه الفتـّاك
إنّا على عهـٍد ليافا دائـم سنعيدُهـا بالسيف والمسـواك
قالوا جُننتَ فقلت حقا إّنني مجنون يافا ،همُّها بتشاكي
يافا ابشـري ذي صحوة فـوَّارة هُرعَتْ إليك فحيِّ من حيَّاك
أنا عائـد فـترّقبي بتشـوّقٍ يوم القدوم وكلّهم أبناكِ
********
(1) نظمت هذه القصيدة قبل احتلال العراق من قبل القوات الأمريكية. ويافا رمز تعني كل مدينة فلسطينية محتلة
(2) كما جاء في وعد بلفور بإهداء فلسطين كوطن قومي لليهود
(3) المحتلون لأرض فلسطين من بني صهيون
(4) إتفاق أوسلو وخارطة الطريق وما تلا من مفاوضات
(5) اتفاقية واي رفر (Y River) )
(6) اجتماع شرم الشيخ وما تلاهما من تفاوض
(7) الإسم المعاصر ليافا بالعبرية
(8) لاعهد لليهود عبر التاريخ , فهم ينقضون العهود وذلك في القرآن الكريم
(9) الحضر الذي كان يفرضه الغرب على عدم السماح للطيران العراقي بالتحليق فوق شمال العراق
(10) هذا يعيد حلم الجبهة الشرقية الذي كان يراود النفوس
(11) هارون الرشيد الخليفة العباسي في بغداد